المعهد الوطني للبحث في التربية على صفيح ساخن!

 المعهد الوطني للبحث في التربية على صفيح ساخن!



باحثون وموظفون يناشدون سعداوي التدخل وإنقاذ المؤسسة

المعهد الوطني للبحث في التربية على صفيح ساخن!

ناشد باحثون وموظفون بالمعهد الوطني للبحث في التربية، والمنضوي تحت لواء وزارة التربية الوطنية، التدخل العاجل لوزير القطاع محمد صغير سعداوي، لإرجاع المؤسسة البحثية إلى سكتها الحقيقية، وإعادة بعث البحوث المعطلة، حتى يتم تشخيص مشاكل المنظومة التربوية وإيجاد حلول عملية لها، بالإضافة إلى وضع حد للعقوبات التأديبية المسلطة بشكل متكرر على الموظفين، ما دفع بعض الباحثين إلى مغادرة المعهد رغم ترسيمهم للتوجه إلى التعليم العالي.

التمسك بالكشف عن نتائج التحقيقات السابقة

إلى جانب ذلك، فقد طالب باحثون وموظفون بأهمية إيفاد لجنة أخرى للتحقيق في “الاختلالات” التي تعتري سير المعهد، فيما دعوا في هذا الصدد إلى الكشف عن نتائج التحقيق الأخير الذي أجرته المفتشية العامة لوزارة التربية الوطنية، عقب إيفادها للجنة وزارية زارت المؤسسة نهاية شهر مارس الفائت، إلى جانب الإفصاح عن نتائج التحقيق الأول الذي فتح شهر نوفمبر 2024.

وطالب ممثلون عن الباحثين والموظفين، في لقاء مع “الشروق”، بضرورة إيفاد لجنة أخرى للتحقيق وبصفة معقمة على مستوى المعهد الوطني للبحث في التربية، والذي “يعد مؤسسة عمومية ذات طابع علمي وتكنولوجي، تهتم بإجراء بحوث علمية وميدانية في مجال التربية والتعليم”، لأجل رفع ما وصفوه بـ”الظلم والغبن عن الإطارات”، والتي أضحت عرضة وبشكل متكرر لتلقي العديد من الاستفسارات وتسليط سيل من العقوبات التأديبية، مؤكدين بشأنها أنها غير مؤسسة قانونا، خاصة وأنه يتم إرفاقها “بتهم خطيرة”، على غرار الإخلال بالانضباط العام، المساس بالسير الحسن للمصالح وأيضا الإخلال بالواجبات القانونية.

وعن نوع العقوبات، أكد ممثلو العمال على أنه تارة يتم تسليط عقوبات تأديبية من الدرجة الأولى، بتوجيه إنذارات كتابية للمعنيين، تحفظ في ملفاتهم الإدارية، وتارة أخرى يتم إنزال عقوبات من الدرجة الثانية، تعرض صاحبها للتوقيف عن العمل لمدة ثلاثة أيام، وتارة أخرى يتم فرض عقوبات من الدرجة الثالثة.

وفي هذا الإطار، أضاف محدثونا بأن الباحثين عوض أن يوجهوا اهتمامهم للبحث العلمي، وهي المهمة التي وظفوا من أجلها، بالخوض في مشاكل المنظومة التربوية وتشخيص الواقع، واقتراح الحلول لها للارتقاء بها، إلا أنهم وجدوا أنفسهم أمام حتمية الرد وبشكل متكرر على “سيل” من الاستفسارات، والتي ليس علاقة لها بالعمل المهني على الإطلاق على حد قولهم، من خلال اتهامهم على سبيل المثال وليس الحصر بـ”الضحك” أو “التشويش” على تظاهرة علمية، نظمت لأجل توزيع الشهادات، أو التقصير في أداء المهام المسندة إليهم أثناء سير تظاهرة علمية.

كما لفت محدثونا إلى أن كل هذه العقوبات التأديبية، المشار إليها آنفا، تعد مدونة في سجل خاص بدقة عالية، بحيث تم تحديد “نوعها”، في حين تم توثيقها بتواريخ محددة لإصدار العقوبة ومرجع خاص بها يحمل رقما تسلسليا.

وفي نفس السياق، لفت محدثونا إلى أنه في حالات أخرى، يتم توجيه استفسارات لموظفين وباحثين عن وقائع لا ترقى أن تكون مخالفات أو تجاوزات يعاقب عليها القانون أو النظام الداخلي، وليس لها علاقة بالإخلال في القيام بالواجب المهني، إذ أوضحوا في هذا الشأن بأن أحد الباحثين “دون ذكر اسمه ومعلوماته الشخصية”، وبتاريخ 17 فيفري 2017 “رقم المرجع 438/2025″، قد تمت دعوته للرد على استفسار حول قيامه في أحد الأيام بالوقوف وقطع الطريق أثناء صعود مسؤولة بالمعهد.

وهو الاتهام، الذي رفضه المعني بالاستفسار جملة وتفصيلا، وطلب بالعودة إلى كاميرات المراقبة، على اعتبار أن أروقة المعهد كلها مراقبة.

بالإضافة إلى ذلك، فقد تم استفسار آخرين عن وقائع اعتبروها “مزعومة”، كتوجيه مراسلات للتقصي حول حالة كراس وجدت مكسورة بأحد الأقسام، إلى جانب توجيه استفسارات لموظفين بدعوى “تحريض العمال على تنظيم وقفات احتجاجية”، فضلا عن الاستفسار عن سبب تواجد موظف بمخزن المعهد رغم أنه مكلف بالجرد بتاريخ محدد، في حين تلقى آخرون مراسلات للاستفسار عن سبب تواجدهم في مكتب معين، رغم أن المعنيين قد كلفوا وبتاريخ محدد بمهمة رقمنة الأرشيف.


التوقيع على “تعهدات” لدى البلديات بعدم إفشاء أسرار

زيادة على ذلك، عرج ممثلو العمال على مسألة أخرى تدعو للاستغراب، مؤكدين بأن عددا لا بأس به من الباحثين قد تم إجبارهم على توقيع “تعهدات” بمصالح البلديات، بعدم إفشاء أسرار مهنية، وهو الأمر الذي استغربته المجالس الشعبية البلدية التي قصدوها، على اعتبار أنه لا يوجد أي إجراء قانوني يتم من خلاله إلزام المستخدم بالإمضاء على تعهد تحت مسمى “عدم إفشاء أسرار مهنية.”


تعيينات وإنهاء للمهام عشوائيًّا لموظفين بتواريخ مختلفة

بالإضافة إلى ذلك، تطرق ممثلو المستخدمين إلى مسألة التعيينات وإنهاء للمهام تجرى بالمعهد، واصفين إياها بـ”العشوائية”، ومثال ذلك، فقد تلقت موظفة مرسمة بالمعهد “م/و”، “دون ذكر معلومات أخرى”، عدة تعيينات مختلفة بتواريخ متعددة، حيث وصلها تعيين أول بتاريخ الفاتح ديسمبر 2022 في منصب معين، ليتم تعيينها في منصب ثان بتاريخ 4 جانفي 2023، في حين استقبلت بتاريخ الـ4 ديسمبر 2024 قرارا بإنهاء مهامها من المنصب الثاني، لتكلف، فيما بعد بمهمة ثالثة من خلال تسيير مرفق آخر بالمعهد، وكان ذلك في الـ4 ديسمبر 2024، في حين استفادت من التعيين في منصب رابع بتاريخ 26 ديسمبر 2024، لتنهى مهامها من المنصبين الثالث والرابع على التوالي، وفي نفس اليوم وبالضبط بتاريخ 30 ديسمبر 2024.

وبخصوص الشق الخاص بالبحث العلمي، انتقد محدثونا قضية منع إدارة المعهد الباحثين من المشاركة في ملتقيات وطنية أو دولية، تحت ذريعة عدم وجود مشاركة مهنية أو علمية لهم على مستوى المؤسسة التي ينتمون إليها، مؤكدين في هذا الشأن بأنه يتم اقتراح مشاريع بحوث في مجالات لا علاقة لها بالتربية، على غرار المقاولاتية واقتصاد المعرفة وغيرها.

وفي السياق نفسه، لفت ممثلو العمال إلى أنه حتى مشاريع البحوث التي كلفوا بإنجازها في وقت سابق “26 مشروعا بحثيا”، في فترة زمنية محددة، قد تم إعدادها من أموالهم الخاصة، رغم أن المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي ترصد مبالغ مالية معتبرة للبحث العلمي.


مسؤولة تتهرّب من مواجهة الاتهامات وممارسة حقها في الرّد

وللوقوف على حقيقة تلك الاتهامات، ولأجل استيضاح موقف مسؤولي المؤسسة منها، من باب الحرص على التزام القواعد المهنية في نقل الرأي والرأي الآخر، فقد اتصلت “الشروق”، بالمديرة العامة للمعهد الوطني للبحث في التربية، لكنها للأسف الشديد قطعت المكالمة بصفة فوريّة بمجرد معرفتها بهوية الصحفيّة، بحجة أنها في اجتماع هام، من دون أن تكلف نفسها عناء التواصل مجددا لتقديم أي معلومات بخصوص القضية، رغم التريث في عدم نشر وجهة نظر المحتجين لأكثر من نصف شهر، بل تمت الاستعانة بمسؤولين مركزيين في الوزارة لإقناع المعنيّة بممارسة حقها في الرّد وتفنيد أي مغالطات محتملة قد تمّ تمريرها في عريضة الاحتجاج، لكن من دون جدوى.

تعليقات